فصل: (33/78) باب ما جاء في ضرب الدف لقدوم الغائب وما جاء في اللهو يوم العيد

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فتح الغفار الجامع لأحكام سنة نبينا المختار



.[33/78] باب ما جاء في ضرب الدف لقدوم الغائب وما جاء في اللهو يوم العيد

5508 - عن بريدة قالت: «خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في بعض مغازيه فلما انصرف جاءته جارية سوداء فقالت: يا رسول الله إني كنت نذرت إن ردك الله صالحًا أن أضرب بين يديك بالدف وأتغنى. قال لها: إن كنت نذرت فاضربي وإلا فلا. فجعلت تضرب، فدخل أبو بكر وهي تضرب، ثم دخل عليَّ وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخل عمر فألقت الدف تحت استها ثم قعدت عليه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الشيطان ليخاف منك يا عمر، إني كنت جالساً وهي تضرب فدخل أبو بكر وهي تضرب ثم دخل علي وهي تضرب، ثم دخل عثمان وهي تضرب، ثم دخلت أنت يا عمر ألقت الدف» رواه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان والبيهقي.
5503 - وفي الباب عن عبد الله بن عمرو عند أبي داود.
5504 - وعن عائشة عند الفاكهي في تاريخ مكة بسند صحيح.
5505 - وعن عائشة قالت: «دخل علي أبو بكر وعندي جاريتان من جواري الأنصار يغنيانني بما تقولت به الأنصار يوم بعاث، وليستا بمغنيتين، فقال أبو بكر: أمزامير الشيطان في بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ وذلك في يوم عيد فقال: يا أبا بكر! لكل قوم عيد، وهذا عيدنا» أخرجاه.
5506 - وعن عائشة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - وقف لها يسترها حتى تنظر إلى الحبشة وهم يلعبون» متفق عليه، وللبخاري «وكان يوم عيد وكان لعبهم بالدف والحراب» وفي بعض طرق الحديث «أن عمر أنكر عليهم، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: دعهم» وقد تقدم في أبواب المساجد.
5507 - وتقدم قريبًا من حديث أبي هريرة.
قوله: «يوم بعاث» قال في "الدر النثير": بعاث اسم حصن للأوس، وقال النووي: بعاث بضم الموحدة وبالعين المهملة ويجوز صرفه وتركه، وهو الأشهر وهو يوم حرب فيه بين القبيلتين الأنصار الأوس والخزرج في الجاهلية، وكان الظفر فيه للأوس.

. [34] كتاب الأطعمة والصيد والذبائح

.[34/1] باب ما جاء أن الأصل في الأعيان الإباحة حتى يصلح دليل على خلافه

5508 - عن سعد بن أبي وقاص أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن أعظم المسلمين جرمًا من سأل عن شيء لم يحرم على الناس فحرم من أجل مسألته» متفق عليه.
5509 - وعن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «ذروني ما تركتكم فإنما هلك من قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم، فإذا نهيتكم عن شيء فاجتنبوه، وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم» متفق عليه.
5510 - وعن سلمان الفارسي قال: «سئل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن السمن والجبن والفراء فقال: الحلال ما أحله الله في كتابه، والحرام ما حرم الله في كتابه، وما سكت عنه فهو مما عفا لكم» رواه ابن ماجة والترمذي والحاكم، وإسناد ابن ماجة فيه سيف بن هارون وهو ضعيف متروك.
5511 - وعن علي قال: «لما نزلت {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران:97] قالوا: يا رسول الله في كل عام؟ قال: لا، ولو قلت: نعم لوجبت. فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَسْأَلوا عَنْ أَشْيَاءَ إِنْ تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [المائدة:101]» رواه أحمد والترمذي، وقال حديث حسن.
قوله: «الفراء» بفتح الفاء مهموزًا حمار الوحش.

.[34/2] باب ما جاء أن من حرم على نفسه شيئًا لا يحرم عليه

5512 - عن ابن عباس «أن رجلًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله إني إذا أصبت اللحم انتشرت للنساء فأخذتني شهوة فحرمت علي اللحم. فأنزل الله {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} [المائدة:87] {وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالًا طَيِّبًا} [المائدة:88]» رواه الترمذي وقال: حديث حسن غريب.

.[34/3] باب ما جاء من الوعيد لمن أكل حرامًا

5513 - عن كعب بن عجرة أنه - صلى الله عليه وسلم - قال: «يا كعب بن عجرة إنه لا يربوا لحم نبت من سحت إلا كانت النار أولى به» رواه الترمذي وقال: حسن غريب.
فسألت البخاري عنه فاستغربه جدًا.
5514 - قلت: وقد أخرجه ابن حبان من رواية جابر مرفوعًا «يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت» وقد تقدم هذا الحديث في كتاب البيع.
5515 - وتقدم -أيضًا- حديث الذي يدعو ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وأنه لا يستجاب له، وتقدم أحاديث في تجنب الحرام والنهي عنه فارجع إليه.

.[34/4] باب ما جاء في الخيل والحمر الأهلية

5516 - عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية، وأذن في الخيل» متفق عليه، وهو للنسائي وأبي داود، وفي لفظ «أطعمنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الخيل ونهانا عن لحوم الحمر» رواه الترمذي وصححه، وفي لفظ «سافرنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - فنهانا أن نأكل لحوم الحمر فكنا نأكل لحوم الخيل ونشرب ألبانها» رواه الدارقطني.
5517 - وعن أسماء بنت أبي بكر قالت: «ذبحنا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فرسًا ونحن بالمدينة فأكلناها» متفق عليه، وفي لفظ للبخاري «نحرنا» ولفظ أحمد «ذبحنا فرسًا على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فأكلناها نحن وأهل بيته».
5518 - وعن أبي ثعلبة الخشني قال: «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الأهلية» متفق عليه.
5519 - وعن البراء بن عازب قال: «نهانا النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية نضيجًا ونيًا» متفق عليه.
5520 - وعن ابن عمر قال: «إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل لحوم الحمر الأهلية» متفق عليه.
5521 - وعن ابن أبي أوفى قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر» رواه أحمد والبخاري.
5522 - وعن زاهر الأسلمي وكان ممن شهد الشجرة قال: «إني لأوقد تحت القدور بلحوم الحمر إذا نادى مناد: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهاكم عن لحوم الحمر».
5523 - وعن عمرو بن دينار قال: «قلت لجابر بن زيد: يزعمون أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نهى عن الحمر الأهلية. قال: قد كان يقول ذلك الحكم بن عمرو الغفاري عندنا بالبصرة، ولكن أبى ذلك البحر ابن عباس وقرأ {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام:145]» رواهما البخاري.
5524 - وعن أبي هريرة «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الإنسي» رواه أحمد والترمذي وصححه.
5525 - وعن ابن أبي أوفى قال: «أصابنا مجاعة ليالي خيبر فلما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها فلما غلت بها القدور نادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن اكفئوا القدور لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئًا، فقال ناس: إنما نهى عنها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأنها لم تخمس، وقال آخرون نهى عنها ألبتة»
5526 - وعن أنس قال: «أصبنا من لحوم الحمر يعني يوم خيبر فنادى منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس أو نجس» متفق عليهما.
قوله: «الإنسية» بكسر الهمزة وسكون النون منسوبة إلى الإنس.

.[34/5] باب ما جاء في البغال

5527 - عن جابر قال: «حرم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحوم الحمر الإنسية ولحوم البغال» رواه أحمد والترمذي وحسنه، ورواه أبو داود بإسناد على شرط مسلم ولفظه «ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير فنهانا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن البغال والحمير، ولم ينهنا عن الخيل» ورواه -أيضًا- ابن حبان في "صحيحه" كما في "التلخيص"، وقال المنذري بعد أن ذكر حديث جابر وأخرجه مسلم بمعناه.

.[34/6] باب ما جاء في الدجاج والحبارى

5528 - عن أبي موسى قال: «رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأكل لحم دجاج» متفق عليه.

5529 - وعن سفينة قال: «أكلت مع رسول الله لحم حبارى» رواه أبو داود والترمذي وقال: غريب لانعرفه إلا من هذا الوجه، وقال البخاري: إسناده مجهول، وقال العقيلي: غير محفوظ.
قوله: «حبارى» هو طائر معروف.

.[34/7] باب تحريم كل ذي ناب من السباع ومخلب من الطير

5530 - عن أبي ثعلبة الخشني أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «كل ذي ناب من السباع فأكله حرام» رواه الجماعة إلا البخاري وأبا داود.
5531 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن كل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير» رواه الجماعة إلا البخاري والترمذي.
5532 - وعن عرباض بن سارية «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرم يوم خيبر كل ذي مخلب من الطير ولحوم الحمر الأهلية والخلثة والمجثمة» رواه أحمد والترمذي بإسناد لا بأس به، وقال «نهى» بدل لفظ التحريم.
قوله: «ناب من السباع» الناب: السن الذي خلف الرباعية، الجمع: أنياب، قال ابن سيناء: لا يجتمع في حيوان واحد ناب وقرن، وفي النهاية هو ما يفترس به الحيوان ويأكل قسرًا كالأسد والنمر والذئب.
قوله: «مخلب» بكسر الميم وفتح اللام، والمخلب للطير بمنزلة الظفر للإنسان وهو الذي يصطاد به الطير.
قوله: «الخلثة» بضم الخاء وسكون اللام فريسة الذئب أو السبع يدركه الرجل فيأخذ منه الفريسة فيموت في يده قبل أن يذكيها.
قوله: «المجثمة» بضم الميم وفتح الجيم وتشديد المثلثة كل حيوان ينصب فيرمى.

.[34/8] باب ما جاء في الهر والقنفذ

5533 - عن جابر «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - نهى عن أكل الهر وأكل ثمنها» رواه أبو داود وابن ماجة والترمذي، وفي إسناده عمرو بن يزيد الصنعاني، قال المنذري وابن حبان: لا يحتج به.
5534 - وعن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه قال: «كنت عند ابن عمر فسأل عن أكل القنفذ فقرأ هذه الآية: {قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام:145] الآية، فقال: شيخ عنده سمعت أبا هريرة يقول: ذكر عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: خبيثة من الخبائث. فقال ابن عمر: إن كان قاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهو كما قال» رواه أحمد وأبو داود وإسناده ضعيف، قاله في "بلوغ المرام"، وقال الخطابي: ليس إسناده بذاك. وقال البيهقي في إسناده: غير قوي. ورواه شيخ مجهول.
قوله: «عيسى بن نميلة» بضم النون وتخفيف الميم مصغراً ذكره ابن حبان في الثقات.
قوله: «القنفذ» هو بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وبالذال المعجمة هو حيوان يكون بأرض مصر قدر الفأر الكبير، وآخر يكون بأرض الشام في قدر الكلب، وهو مولع بأكل الأفاعي ولا يتألم بها، كذا قال ابن رسلان.

. [34/9] باب ما جاء في الضب

5535 - عن ابن عباس عن خالد بن الوليد «أنه أخبره أنه دخل مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على ميمونة وهي خالته وخالة ابن عباس، فوجد عندها ضبًا محنوذًا قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد، فقدمت الضب لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأهوى بيده إلى الضب، فقالت امرأة من النسوة الحضور: أخبرن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بما قدمتن له. قلت: هو الضب يا رسول الله فرفع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يده. فقال خالد بن الوليد: أحرام الضب يا رسول الله؟ قال: لا، ولكن لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه. قال خالد: فاجتررته فأكلته، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينظر فلم ينهاني» رواه الجماعة إلا الترمذي.
5536 - وعن ابن عمر «أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سئل عن الضب فقال: «لا آكله ولا أحرمه» متفق عليه، وفي رواية عنه «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان معه ناس فيهم سعد فأتوا بلحم ضب، فنادت امرأة من نسائه: إنه لحم ضب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: كلوا فإنه حلال، ولكنه ليس من طعامي» رواه أحمد ومسلم.
5537 - وعن جابر «أن عمر بن الخطاب قال في الضب: إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يحرمه، وأن عمر قال: إن الله لينفع به غير واحد، وإنما طعام عامة الرعاء منه ولو كان عندي طعمته» رواه مسلم وابن ماجة.
5538 - وعن جابر قال: «أُتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بضب فأبى أن يأكل منه، وقال: لا أدري لعله من القرون التي مسخت».
5539 - وعن أبي سعيد «أن أعرابيًا أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: إني في غائط مضبة، وانه عامة طعام أهلي فلم يجبه. فقلنا: عاوده. فعاوده ثلاثًا، ثم ناداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الثالثة فقال: يا أعرابي! إن الله لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخهم دواب يدبون في الأرض ولا أدري لعل هذا منها فلا آكلها ولا أنهى عنها» رواهما أحمد ومسلم.
5540 - وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: «إن الله لم يجعل لمسيخ نسلًا» فعن ابن مسعود أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ذكرت عنده القردة، قال ابن مسعود وأراه قال: «والخنازير مما مسخ الله، فقال: إن الله لم يجعل لمسيخ نسلًا ولا عقبًا، وقد كانت القردة والخنازير قبل ذلك» وفي رواية «أن رجلًا قال: يا رسول الله القردة والخنازير مما مسخ؟ فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: إن الله لم يهلك أو يعذب قومًا فيجعل لهم نسلًا» روى ذلك أحمد ومسلم.
5541 - وقد ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أنه نهى عن أكل لحم الضب» رواه أبو داود من حديث عبد الرحمن بن شبل وحسن في "الفتح" إسناده ورد على من ضعفه.
5542 - وأخرج أحمد وأبو داود وصححه ابن حبان والطحاوي وسنده على شرط الشيخين من حديث عبد الرحمن بن حسنة وفيه أنهم طبخوا ضبابًا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: «إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب فأخشى أن تكون هذه فأكفئوها».
وقد جمع بين الأحاديث بأن النهي عنها كان قبل علم النبي - صلى الله عليه وسلم - بالوحي أن الممسوخ لا نسل له لتجويزه أنها مما مسخ، فلما علم - صلى الله عليه وسلم - أن الممسوخ لا نسل له أباح أكل الضب ولم يأكلها استقذارًا منه.
قوله: «الضب» هو دويبة تشبه الجرذان وهي أكبر منه قليلًا.
قوله: «محنوذ» بحاء مهملة ونون مضمومة وآخره ذال معجمة أي مشوي.
قوله: «أختها حفيدة» بحاء مهملة مضمومة.
قوله: «فاجتررته» بجيم ورائين مهملتين.
قوله: «في غائط مضبة» بفتح الميم والضاد المعجمة، وقيل بضم الميم وكسر الضاد لغتان والأولى أشهر، والمراد أنها ذات ضباب كثيرة، والغائط الأرض المطمئنة.
قوله: «يدبون» بكسر الدال المهملة.

.[34/10] باب ما جاء في الضبع والأرنب

5543 - عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمارة قال: «قلت لجابر: الضبع أصيد هي؟ قال: نعم. قلت: آكلها؟ قال: نعم. قلت: أقاله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال:نعم» رواه الخمسة وصححه الترمذي والبخاري وابن حبان وابن خزيمة والبيهقي، ولفظ أبي داود عن جابر «سألت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن الضبع فقال: هي صيد. ويجعل فيه كبش إذا اصطاده المحرم».
5544 - وعن أنس قال: «أنفجنا أرنبًا بمر الظهران فسعى القوم فلغبوا وأدركتها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها وبعث إلى رسول الله بوركها وفخذها فقبله» رواه الجماعة. ولفظ أبي داود: «صدت أرنبًا فشويتها فبعث معي أبو طلحة بعجزها إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتيته بها».
5545 - وعن أبي هريرة قال: «جاء أعرابي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأرنب قد شواها، ومعها صنابها وأدمها فوضعها بين يديه، فأمسك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يأكل وأمر أصحابه أن يأكلوا» رواه أحمد والنسائي ورجاله ثقات إلا أنه اختلف فيه على موسى بن طلحة اختلافًا كثيرًا.
5546 - وعن محمد بن صفوان «أنه صاد أرنبتين فذبحهما بمروتين فأتى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمره بأكلهما» رواه أحمد والنسائي وأبو داود وابن ماجة والحاكم، وقال: صحيح الإسناد.
5547 - وأخرجه الترمذي وابن حبان والبيهقي من رواية جابر.
5548 - والنسائي وابن حبان من رواية زيد بن ثابت.
قوله: «الضبع» هي الواحد الذكر والأنثى ضبعان، وهي معروفة.
قوله: «أنفجنا» بنون ثم فاء مفتوحة وجيم ساكنة أي: أثرنا.
قوله: «بمر الظهران» بتشديد الراء المهملة اسم موضع على مرحلة من مكة.
قوله: «فلغبوا» بمعجمة وموحدة أي تعبوا وزنًا ومعنى.
قوله: «صنابها» بالصاد المهملة بعدها نون، قال في "مختصر النهاية": الصناب الجرول المعمول بالرسب وصباغ يؤتدم به.
قوله: «بوركها» الورك بكسر الراء وهو ما فوق الفخذ.

.[66/11] باب ما جاء في الجلّالة

5549 - عن ابن عباس قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن شرب لبن الجلالة» رواه الخمسة إلا ابن ماجة وصححه الترمذي، وفي رواية «نهى عن ركوب الجلالة» وأخرجه ابن حبان والحاكم والبيهقي وصححه ابن دقيق العيد.
5550 - وعن ابن عمر قال: «نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أكل الجلالة وألبانها» رواه الخمسة إلا النسائي وحسنه الترمذي والدارقطني وزاد «حتى تحبس» والبيهقي بلفظ «تعلف أربعين ليلة» قال الحاكم: صحيح. وقال البيهقي: ليس بقوي.
5551 - وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحومها» رواه أحمد والنسائي وأبو داود والحاكم والدارقطني، وقد تقدم الكلام في عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده غير مرة.
قوله: «الجلالة» بفتح الجيم وتشديد اللام هي التي تأكل العذرة، والجلة: البعرة.

.[34/12] باب ما استفيد تحريمه من الأمر بقتله أو النهي عن قتله

5552 - عن عائشة قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «خمس فواسق يقتلن في الحل والحرم: الحية، والغراب الأبقع، والفأرة، والكلب العقور، والحدية» رواه مسلم والترمذي وابن ماجة.
5553 - وعن سعد بن أبي وقاص «أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وسماه فويسقًا» رواه أحمد ومسلم وللبخاري منه الأمر بقتله.
5554 - وعن أم شريك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - «أمر بقتل الوزغ» متفق عليه، زاد البخاري «وكان ينفخ على إبراهيم عليه السلام».
5555 - وعن أبي هريرة قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل وزغة في أول ضربة كتب له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك» رواه أحمد ومسلم.
5556 - وعن ابن مسعود قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «من قتل حية فله سبع حسنات، ومن قتل وزغة فله حسنة، ومن ترك حية مخافة عاقبتها فليس منا» رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه"، وقد أعل بالانقطاع فإن الراوي عن ابن مسعود المسيب بن رافع لم يسمع من ابن مسعود، وذكر الحديث في "مجمع الزوائد"، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير، ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن المسيب بن رافع لم يسمع من ابن مسعود.
5557 - وعن ابن عباس قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل أربع من الدواب: النحلة، والنملة، والهدهد، والصرد» رواه أحمد وأبو داود وابن ماجة، وقال الحافظ وصاحب الإلمام: رجاله رجال الصحيح، وقال البيهقي: هو أقوى مما ورد في هذا الباب. وقال في "بلوغ المرام": صححه ابن حبان.
5558 - وعن عبد الله بن عمرو قال: «نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع، وقال: نقيقها تسبيح» رواه الطبراني في "الصغير" و"الأوسط"، قال في "مجمع الزوائد": وفيه المسيب بن واضح وفيه كلام، وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح.
5559 - وعن عبد الرحمن بن عثمان بن عبيد الله التميمي قال: «ذكر طبيب عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دواءً، و ذكر الضفدع تجعل فيه فنهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع» رواه أحمد وأبو داود والنسائي والحاكم والبيهقي، قال: وهو أقوى ما ورد في النهي عن قتلها. وصححه الحاكم، قال في "مختصر البدر": وقد صح عن ابن عمرو موقوفًا عليه «لا تقتلوا الضفادع فإن نقيقها تسبيح، ولا تقتلوا الخفاش فإنه لما خرب بيت المقدس قال: يا رب! سلطني على البحر حتى أغرقهم» قال البيهقي: إسناده صحيح.
5560 - وقد روى البيهقي من حديث أبي هريرة «النهي عن قتل الصرد والضفدع والنملة والهدهد» وفي إسناده إبراهيم بن الفضل متروك.
5561 - وأخرج أبو داود في "المراسيل" النهي عن قتل الخطاطيف من حديث عباد بن إسحق عن أبيه بإسناد منقطع.
5562 - وعن أبي لبابة قال: «سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ينهى عن قتل الجنان التي يكون في البيوت إلا الأبتر وذو الطفيتين فإنهما اللذان يخطفان البصر ويتبعان ما في بطون النساء» متفق عليه.
5563 - وعن أبي سعيد قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن لبيوتكم عمارًا فحرجوا عليهن ثلاثًا فإن بدا لكم بعد ذلك فاقتلوه» رواه أحمد ومسلم والترمذي، وفي لفظ لمسلم «ثلاثة أيام».
5564 - وقد و رد الأمر بقتل العنكبوت عند أبي داود في "مراسيله".
5565 - وأخرج ابن عدي والبيهقي النهي عن أكل الرخمة، قال في "مختصر البدر": رواه البيهقي من حديث ابن عباس وضعفه ابن عدي.
قوله: «الأبقع» قال في "غريب جامع الأصول": الأبقع الذي فيه سواد وبياض.
قوله: «الوزغ» معروف جمعه أوزاغ، وقيل أن سام أبرص كبار الوزغ.
قوله: «الصرد» هو طائر فوق العصفور وأجاز مالك أكله.
قوله: «الجنان» هو بجيم مكسورة ونون مشددة جمع جان وهي الحية الصغيرة.
قوله: «الأبتر» هو قصير الذنب، قال النضر بن شميل: هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليه حامل إلا ألقت ما في بطنها، وهو المراد من قوله «يتبعان ما في بطون النساء» أي: يسقطان.
قوله: «ذا الطفيتين» بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء، وهما خطان أبيضان على ظهر الحية.
قوله: «يخطفان» أي: يطمسان.